حقائق مهمة .. عن فترة المراهقة

قبل الصراخ والمشادات، وفقدان الثقة بين أبنائنا في مرحلة المراهقة وتحول المشهد اليومي المنزلي لأكبر المشاهد الدراميتيكية.. فهناك عدة حقائق يجب على الوالدين معرفتها عن مرحلة المراهقة التي يمر بها الأبناء قبل اللوم عليهم، فهناك عدة أمور لابد من وضعها في الاعتبار، ولذا يجب على الآباء تفهم تلك الأمور وبغض النظر عن مدى طول قامة الأبناء أو تغير أجسامهم أو أشكالهم فإنها لا تزال فترة تنموية هامة تؤثر على بقية حياتهم.



الفترة الحرجة من التنشئة والتي تبدأ بسن 11 عام وتستمر حتى 19 عام فهي لا تقتصر فقط على التغيرات الخارجية بل تشمل تغيرات داخلية أيضا ، حيث يستمر المخ في عمليات التغير في جميع مراحل الحياة، ولكن هناك قفزات هائلة في مجال التنمية داخل المخ خلال فترة المراهقة، وكما يحدث عدة طفرات أو تغيرات مفاجئة في هذه المرحلة العمرية الحرجة فقد تظهر مهارات معرفية جديدة بشكل كبير وملحوظ.



وتعرف تلك المرحلة بمرحلة ازدهار المخ وتفتحه، فمن المعروف أن الأطفال لديها فرط في الوصلات العصبية داخل المخ، ولكن تشير الأبحاث أن العصر الثاني لتلك الأعصاب والوصول لذروتها تكون في سن الحادية والثانية عشر من العمر، فمن قراءة كتب مصاصي الدماء لتعلم قيادة السيارات كل هذا وأكثر يؤثر في شكل ونمو الاعصاب في تلك المرحلة العمرية.



ويزداد حجم  المادتين المكونتين للجهاز العصبي المركزي (المادة البيضاء والرمادية) داخل المخ في تلك المرحلة، فيصبح مخ المراهقين في تلك المرحلة أكثر ترابط وكسب قوة في المعالجة، كما تبدأ لديهم المهارات الحسابية وبداية عملية صنع القرار ، نعم قد تؤثر الناحية العاطفية على تلك القرارات حيث أن المخ يعتمد على الجهاز الحوفي (الجزء العاطفي في المخ)، وقد تعد هذه الازدواجية في مخ المراهقين سبباً في إرباك  الآباء والأمهات في التعامل مع كل هذه التغيرات.



ويكتسب المراهقون في هذه المرحلة عدة مهارات جديدة وخاصة من ناحية السلوك الاجتماعي، وبالطبع يحتاج الأمر المزيد من الخبرة والممارسة حتى تكون في الشكل الأمثل، كما تشهد هذه المرحلة العديد من الصراعات مشاهدة كنوع من التعبير عن الذات، وربما يواجهوا أيضا صعوبة في التركيز على الأفكار مجردة أو فهم وجهات النظر الأخرى، والحقيقة يواجه المراهقون العديد من المواقف الاجتماعية والعاطفية والإدراكية، وبالتالي يحتاجوا لمساعدة الأباء والأمهات في تلك المرحلة من الهدوء والقدرة على  الاستماع لهم ومشاهدة منهم القدوة الحسنة.



تبدأ مرحلة البلوغ وتبدأ تغييرات كبيرة في الجهاز الحوفي داخل المخ والذي يساعد الدماغ في تنظيم معدل ضربات القلب وضبط مستويات السكر في الدم، بالإضافة إلى تشكيل الذكريات والعواطف في هذه المرحلة، وتعد اللوزة (جزء بالجهاز الحوفي) تربط المعلومات الحسية بالاستجابات العاطفية، وتتطور جنباً إلى جنب مع التغيرات الهرمونية.



وبما أن المراهقين أفضل في التفكير المجرد والذي يزيد من فكرة القلق الاجتماعي، وقد تستخدم هذه المهارة الجديدة في تعاملتهم مع الآخرين فيجب أخذ هذا في الاعتبار، كما يوفر الأصدقاء تعلم مهارات كثيرة في هذه الفترة مثل التفاوض والتسوية والتفكير والتخطيط الجماعي.



المخاطر والمغامرات، قد تبدو أحياناً جيدة لبناء الشخصية إلا أنها قد تكون عرضة للانحرافات السلوكية والأخلاقية، مثل محاولة تجربة المواد المخدرة، والدخول في معارك كثير كنوع من الشجاعة أو اظهار القوة البدنية، ولكن بعد سن 17 سنة يبدأ عمل الجزء المسئول في الدماغ عن السيطرة على تلك الانفعالات والقرارات والسلوكيات.



ويبدأ المراهقين مرحلة الانفصال عن الأهل شيئاً فشيئاً، ولكن هذا لا يغني عن أهمية تواجدهم، وطلب مساعدتهم والاستفادة من خبراتهم، ومن أكثر الطرق تأثيرا على أولادك في سن المراهقة، أن يكون لديك حسن الاستماع والإنصات لهم، بالإضافة لكونك نموذجاً جيدا يحتذى به خاصة عند التعامل مع التوترات والمشادات وصعوبات الحياة الأخرى..



الأسطورة تقول أن المراهقين بحاجة إلى النوم أقل عن الأطفال الصغار، ولكن يشير الخبراء في الواقع بأنهم بحاجة الى النوم من 9-10 ساعات يومياً، وفي سن البلوغ يحدث تغيرات هرمونية تؤثر على الدماغ تأثيراً بالغاً، وتحفز إنتاج المزيد من مستقبلات الهرمون البيبتيدي أو الاكسيتوسين، بينما غالبا ما يوصف الأوكسيتوسين باسم "هرمون الترابط" حيث يربط حساسية الجهاز الحوفي بشعور الوعي الذاتي، مما يجعل المراهق يشعر بأن الجميع يراقبه.



وأخيراً يمكنا القول بأن مرحلة المراهقة بما لها وما عليها من تطورات وتغيرات فسيولوجية وعقلية ونفسية واجتماعية فهي مرحلة بالغة الأهمية في حياتنا وحياة أولادنا فيجب التعامل معها بحذر وصبر، وتمتع الآباء والأمهات بالنموذج والقدوة الحسنة أمام ذريتهم، واعطاء فرصة كاملة للاستماع لهم ولمشاكلهم في تلك المرحلة..

مشكورة